العالم كله·· وليس العالم الإسلامي فقط، ينتظر هذا اليوم الـ 27 من شهر آب، الساعة 12.30 بعد منتصف الليل، فسوف يظهر كوكبان مضيئان في السماء، أحدهما قمر 14 شعبان 1428هـ، ليلة النصف من شعبان، التي كان فيها تحويل قبلة الصلاة للمسلمين من القدس العتيقة، حيث المسجد الأقصى، إلى المسجد الحرام، إلى الكعبة المشرفة، استجابة من الله تعالى لرغبة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم ، بعدما اكثر اليهود عليه اللغط والقول·
وجاء عن "علي" كرّم الله وجهه أنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "إذا كانت ليلة النصف من شعبان فقوموا ليلها وصوموا نهارها فإن الله تعالى ينزل فيها لغروب الشمس إلى السماء الدنيا فيقول: "ألا من مستغفر فأغفر له؟ ألا مسترزق فأرزقه؟ ألا مبتلي فأعافيه·· ألا كذا ألا كذا حتى يطلع الفجر")·
وإذا كان تحوّل قبلة الصلاة للمسلمين قد تم في هذه الليلة المباركة، إلى الكعبة المشرفة في المسجد الحرام، فهذا ما يدعونا إلى التساؤل: لماذا الكعبة؟·
وفي محاولتي عن معالم هذه الاجابة أشير إلى أنه أنت وتقف في خشوع في أول بيت وضع للناس ببكة، لعبادة الله تعالى، تقف متطلعاً إلى الكعبة المشرفة، هذا البناء الكريم الذي بناه الملائكة، حينما هبط آدم وزوجته حواء من الجنة إلى الأرض·· ليكون مقابلاً للبيت المعمور في السماء·
وهنا ربما يُطرح التساؤل لماذا سميت الكعبة بالكعبة؟
وسط الحرم المكي نجد المكعب الحجري، ذلك المحرك الساكن الذي تدور حوله مجرة بشرية منذ آلاف السنين ليلاً ونهاراً، فقد جعل الله تعالى، الكعبة المشرفة، البيت الحرام قياساً للناس وجعله مباركاً وهدى للعالمين، ومن هذا المكعب الحجري، ومن مكة هذه المدينة الصغيرة، حتى عم نور أرجاء الدنيا، والكعبة المشرفة في هيئتها الأولى، منذ أن بناها الملائكة كانت هذا المبنى المربع، والتكعيب في اللغة يعني التربيع والذي يتجه بزواياه المسماة بالأركان إلى الجهات الأربع·· ومن هنا جاءت تسمية هذا المربع الذي أعاد إقامة دعامة سيدنا إبراهيم عليه السلام، وابنه اسماعيل عليه السلام، بـ "الكعبة" وهي مركز الكون والذي يطوف حوله المسلمون ذاكرين فضل الله تعالى عليهم أن أخرجهم من الظلمات إلى النور، ومن الكفر إلى الايمان، ومن الجاهلية إلى الإسلام، وهداهم إلى عقيدة التوحيد القائمة على الوسطية والاعتدال والسماحة والتعايش السلمي·
من هنا نشير إلى ان مشروعية الإحتفال بهذه المناسبات الدينية المهمة في حياتنا، من شأنه أن يذكر الأجيال الشابة بماضيها، ويشحنها بجرعات روحية، وهذه الاحتفالات ليست ببدعة، وكما يقولون كل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار، بل هي لون من التذكير، ويقول الله تعالى: وذكر فإن الدكرى تنفع المؤمنين·